يوميات قافلة المحبة ( العتبة الثالثة )

الاثنين، 26 مارس 2012

العتبة الثالثة

بارد و سخون يا هوى


من هنا مروا و هنا تركوا اثارهم و هناك نسمع تأوّهاتهم و نسمع وقع حوافر جيادهم
هذي كروسة بنت الباشا تتهادى و حوافر خيلها تدوزن تمايلها و تعلن عن فرحها
هذه القباب و هذه الحواري و الأزقة
بارد و سخون يا هوى
بارد و سخون
و للسمرة انهمارها فينا و للمدينة العربي روحها و ريحها و نحن نجوب حواريها صبحا و نتنشق روائح ياسمينها و عنبرها و نشم روائح الجاوي و نستمع لأصوات الكتاتيب فيها تعلو بايات الذكر الحكيم ، هو أول أيام القافلة و أول حروف محبتها يزهر فينا و بنا ، نتنقل جميعنا بعدما انضم الينا المبدع المصري الكتوم و الصموت عاطف الجندي و لكنه لن يستمرّ كثيرا في طبيعته تلك ، سنعلن اخراجه منها بعد عتبتين أو ثلاث و سوف يعلن تمرده عن الصمت و سيندمج في المجموعة و يغني و يرقص كما نفعل جميعنا بالتونسي و المغربي و المصري و يعلو صوته بجاري يا حمّودة و تحت الياسمينة في الليل ، انها الحفصية و نهج الباشا و وسطهما يرتفع مبنى بشر الأحجار بأقواسه و أمكنة وضع " القفاف" للطلاب بالأكل ، كل دكانة هكذا يسمى ذاك المكان المجوف يسمى باسم أحد الطلاب و هناك يضع أصحاب الفضل من الميسورين و أصحاب القلوب الكبيرة و المحبة للعلم و العلماء ما تيسر من الأكل في سلال صغيرة ، هكذا كان أهل المدينة العربي يؤثثون للغد الحالم بالعلم و المعرفة و الاطلاع ، بالداخل تجولنا تصحبنا كاميراتنا و أعيننا ، دخلنا بيت الصلاة و تفرجنا على اللوحات وورشة الرسم و جلنا في المكان الذي قابلنا فيه المبدع و الممثل و المسرحي القدير اكرام عزوز المساند الرسمي و الذي دفع كمن وقته و جهده الكثير كي ترى القافلة النور و التي استقبلنا بحفاوة و طيبة و بساطة التونسي و البساطة هنا لا تعني الآ السهل الممتنع ، مازلنا لم نستوعب المكان جيدا و لا اللحظة كذلك ، مازلنا نتعرف الى المكان ، ونترك بصماتنا و بسماتنا فيه كي يتعرف الينا ...
التحق بنا بعض المبدعين التونسيين ، كانت برفقتنا الادارية و القائمة على شؤون المركز الثقافي السيدة سارة اللافي ، كانت معنا كذلك الفنانة البدوية زكية الجريدي ، طبعا مع الشاعرة و الروائية فتحية الهاشمي ، كذلك الشاعر الهادي الدبابي ، مع الكثير من الوجوه التي صاحبتنا في رحلتنا الموسعة داخل تونس الكبرى ...
للمدينة سحرها و للمدينة العربي بالذات بهاؤها ، جلنا من بئر الأحجار الى المركز الثقافي الطاهر الحداد ، كان حضورا لا ينسى بالمكان و هناك شربنا قهوتنا و غنينا و رقصنا طبعا كان المكان يحتفي بنا و كنا نحتفي به ، للمكان سحر خاص و لأقواسه و أعمدته سحر و غواية و لحضورنا بملابسنا المغربية سحرنا أيضا ، لم نترك المكان إلآ مكرهين ، لأنه كان علينا الالتحاق سريعا بمكتب البريد قبل أن يغلق أبوابه لتصريف العملة أو استبدال جواز العبور أو التنقل المال و ما أدراك ما المال ، لم يفتنا أن نمر ببيت الشعر أو دار الجزيري ، هي لا تبعد كثيرا عن مركز الطاهر الحداد ، و تساءلنا أيمكن أن يكون للشعر بيت يؤويه فمابالك بالشعراء ، صدقا لا أتصور ذلك و لكن لنقل ذلك افتراضا للشعر بيت و للشاعر قصيد و للقصيد مكان و مكانة ، مازلنا لم نغادر المدينة العربي بعد و لم تغادرنا ، مازلنا نجوب ساحة باب سويقة و أصوات الباعة تحاصرنا تتناغم حينا للتضارب أحيانا أخر و نحن نتفرق هنا و هناك ، منا من ذهب لأداء فرائضه الدينية و منا من دخل للمكتب و منا من ضلّ واقفا يراقب تلك البناية الضخمة المكتوب عليها حديثا" مكتب مجلس حماية الثورة" والتي كانت لوقت غير بعيد مقر الجامعة الحزبية أو مكان الحزب الحاكم و لكن لكل دولة رجالها و لكل بناية مهامها ...
كانت الشاعرة و الروائية فتحية الهاشمي تلم شتاتنا و تحاول السيطرة على خط سيرنا جاهدة و كنا ندعو لها في سرنا أن يوفقها الله و لكن طبعا كنا مطيعين جدا و لم نته أبدا في أزقة المدينة بل أرواحنا هي التي تاهت و توهتنا و بتنا لا نعرف كيف ننجو من هوى المدينة ...
ستكون لنا عتبة أخرى بعد الغداء طبعا و هي العتبة الأصل ، لأنها لحظة تحقيق الحلم و لحظة افتتاح فعاليات قافلة المحبة و تلك اللحظة الذروى والتي لن تنسى أبدا...



محمد منير
جريدة المنعطف المغربية


0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
قافلة المحبة © 2011 | Designed by Interline Cruises, in collaboration with Interline Discounts, Travel Tips and Movie Tickets